للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَصْر الابتداء فهذا من حَصر المجاز دون الحقيقة، فإنَّ الحَصر يستعمل تارة حقيقة ومجَازًا أخرى، فمن الحقيقة: اللهُ ربنا. ومن حَصر المجَاز: "الدين النصيحة". فلو كانَ الحَصْر حقيقة لجُعلت النصيحة كل الدين، وكأنه لا دين إلا النصيحة على طريق المبالغة، فإن في الدين خصَالًا أُخر غير النصيحة، وعلى هذا فتؤول (١) رواية: "الفطرة عشرٌ" أن مُعظمها عشر (٢)، ك "الحج عَرفة"، فإن الحج ليس منحصرًا في وقوُف عَرفة بل هو مُعظمها.

(قَصُّ الشَّارِبِ) هو خبر مُبتدأ محذوف، أي: أحَدها قص الشارب، وهو متفق على أنه سُنة لما رَوَاهُ الترمذي في "جَامعه" في الاستئذان: " من لم يأخذ من شاربه فليس منا". وقال: حَديث حسَن صحيح (٣).

والمستحب عندنا وعند مَالك في روايته أن يقصَّ ما زادَ منهُ حَتى تبدو

حمرة الشفة من طرفها ولا يحفِه من أصله هذا مذهبَ الشافعي والجمهور.

وقال أحمد: أن حَفه فلا بأس وإن قصهُ فلا بأسَ واحتج أحمدَ بالأحاديث الصحيحة عن ابن عُمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أحفُوا الشوارب وأعفُوا اللحى". رواه البخاري ومُسلم (٤). وفي رواية: "جزُوُّا الشوارب" (٥)، وفي رواية: "أنهكوا الشوَارب" (٦). وهذِه الروايات محمولة عندنا على


(١) في (ص، س): فيؤول. وفي (ظ، م): فيقولون. تحريف.
(٢) في (ص، س، ظ، ل، م): عشرة.
(٣) "سنن الترمذي" (٢٧٦١).
(٤) "صحيح البخاري" (٥٨٩٢)، و"صحيح مسلم" (٢٥٩) (٥٢).
(٥) "صحيح مسلم" (٢٦٠) (٥٥).
(٦) "صحيح البخاري" (٥٨٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>