للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بشيء؛ إذ لو أراد ذلك لقال: ثم لا يغتَسلَن (١)؛ لأنه إذ ذاك يكون عَطف فعل على فعل، لا عطف جُملة على جملةٍ، وحينئذ يكون الأصل مُساواة الفعلينِ في النهي عنهما وتأكيدِهما بالنون الشديدة؛ فإن المحَل الذي تواردا عليه هو شيء واحد وهو الماء، وإنما جاء (ثم يغتَسل) على التنبيه على مآل الحال، ومعناه أنه إذا بالَ فيه قد يحتاج إليه فيمتنع عليه استعمالُهُ؛ لما أوقع فيه مِنَ البَول.

قال: وهذا مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يضرب أحدكم امرأته ضَربَ الأمةِ ثم يضاجعُها" (٢) برَفع يضاجعها، ولم يروه أحد بالجزم ولا يتخيله فيه؛ لأن المفهوُم منه إنما نَهَاهُ عن ضَربهَا؛ لأنه يحتَاج إلى مضاجَعتها في أثناء الحَال فتمتنع (٣) عليه (٤) بما أسَاء من معاشرتها، ويتعذر عليه المقصُود من أجل الضرب، وتقدير (٥) اللفظ [ثم هو يضاجعها، وثم هو يغتسل] (٦).

قال ابن دقيق العيد (٧): وهذا الذي ذكرهُ يقتضي أنه كالتعليل للنهي عن البَول في الماءِ الراكد لا عن الغسل منه، ويكون النهي عن الغُسْل منه ليسَ من مدلول اللفظ مباشرة بل من مدلولاته التزامًا؛ من حَيث إنه لو لم يكن البَول فيه مَانعًا مِنَ الغسل أو الوضوء منه لما صح تعليل


(١) في (س، م): لا يغتسل.
(٢) أخرجه البخاري في (٦٠٤٢، ٤٩٤٢)، ومسلم (٢٨٥٥) (٤٩).
(٣) في (ص): فيمنع.
(٤) هنا في جميع النسخ كلمة غير مقروءة وهي مقحمة. والمثبت ما في "المفهم".
(٥) في (ص): وتعديد.
(٦) ليست هذِه الجملة في أصلنا. وانظر: "المفهم"١/ ٥٤١ - ٥٤٢.
(٧) انظر: "طرح التثريب" للعراقي ٢/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>