للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القاضِي أبو الوليد البَاجي: وقوله: "أو الطوافات" يحتمل أن يكُون على معنى الشَّك من الراوي، ويحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك يُريد أن هذا الحَيَوان لا يخلو إمَّا أن يكونَ من جُملَة الذكورِ الطوَّافين أو الإناث الطوَّافات (١).

وإذا حملنا الطوَّافين أو الطوافات على الخدَم كانت (من) للتبعيض، وليست الهِرة منهم حقيقة؛ لأن اللفظ يدل على جمع المذكر العَاقِل أو المؤنث العَاقِل فيجب إما إضمار أو مجاز، أمَّا الإضمار فتقدر أنهَّا من شبه الطوافين أو مثل الطوافين أو ما يقاربه، وأما المجَاز فأن يطلق عليها لفظ الخدَم مجازًا، وفيه استدلال على طهَارة السُّؤر (٢) باللفظ الدَّال على الجملة، وقد اختلفوا في سُؤر الهرِّ فالمنقول عن أكثر أهل العِلم طَهَارته.

وكره أبو حنيفة وأبو يُوسف (٣) الوُضوء من سُؤره، واستدلَّ بهذا الحَديث على الطهَارة، وأجَابَ الطحاوي: بأنه يجوزُ أن يكون أريد به كونها لا تضر مماسّتها للثياب، فأمَّا وُلوغها في الإناء فليسَ في ذلك دليل على أن ذلك يوجب النجاسَة أو لا، وإنما الذي في الحَديث من ذلك فِعل أبي قتادة فلا ينبغي (٤)، وهذا من الطحاوي تنبيه (٥) على أن شربها مِنَ الإناء المتوضأ منه ليس مرفوعًا إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا


(١) "المنتقى شرح الموطأ" ١/ ٦٢.
(٢) في (س، ل): السنور.
(٣) "المبسوط" للسرخسي ١/ ١٥٩.
(٤) "شرح معاني الآثار" ١/ ١٩.
(٥) (ص، د، س): تنبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>