للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولغة بلا هاء مع المد، ولغة باهة بالهاء عوض الهمزة، وأصلها لغة الجماع مأخوذة من المباءة وهي المنزل؛ لأن من تزوج امرأة بوأها منزلًا، والمراد بالباءة هنا على الأصح المعنى اللغوي، وإنما يتحقق قدرته بالقدرة على مؤنته وهي مؤن النكاح، وقيل: بل أطلق اللفظ هنا على نفس المؤن من مجاز الملازمة، ولو كان المراد الجماع لم يقل: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم"؛ لأن العاجز عن الجماع لا يحتاج الصوم، إنما يحتاجه من يقدر عليه، لا على مؤنته، فيكسر به شهوته، وأجيب بأن المراد: وإن لم يستطع الجماع لعدم قدرته على مؤنه فهو عاجز حكمًا وإن كان قادرًا حسًّا، يدل عليه قوله في الرواية المتقدمة: كنا شبابًا لا نجد شيئًا. ويرجح الأول رواية النسائي: "يا معشر الشباب عليكم بالباءة" (١). ويرجح الثاني رواية النسائي: "من كان ذا طول فليتزوج" (٢).

وفي بعض شروح "التنبيه" أنها بالمد: القدرة على المؤن، وبالقصر: الوطء، وبالجملة فالمراد واحد، وإنما الخلاف في التعبير عنه هل هو من مجاز الاستعارة بإطلاق الباءة على المؤن، أو من حمل الاستعارة على معناها اللغوي، وهو القدرة شرعًا.

(فليتزوج) معنى التفعل هنا بمعنى الاتخاذ كيتختم إذا اتخذ خاتمًا، أي: فليتخذ له زوجة، وليس في كلام العرب: تزوجت بامرأة، وأما قوله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (٣) على التضمين، أي: قرناهن بهن، (فإنه


(١) "سنن النسائي" ٤/ ١٦٩.
(٢) "سنن النسائي" ٤/ ١٧١.
(٣) الدخان: ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>