للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون الخَوف من التلف لنفس أو عضو أو منفعة أو زيادة المرض أو تأخير البُرء أو شَيْنٍ فاحشٍ على عضوٍ ظاهر، فإذا قسناهُ بذلك اقتضى ذلك تقييدًا في العَطش واحتاج إلى دَليل، ولعلّه القياس وينبني على القاعدتين أن التوقعَ مِن خوف العَطش كالوَاقع، والمظنونَ كالمعلوم؛ لأن قوله: عَطشنا يَحتملُ العَطش حَالًا أو مآلًا (١) والحكم يحتمل العِلم والظن، فإذا فرَّعنا على وُجُوب الاستفصَال عند اختلاف الحكم، وأنَّ تركَ الاستفصَال يدُل على عُمُوم الحكم، جُرِيَ على ذلك.

(أَفَنَتَوَضأُ بِمَاءِ البَحْرِ؟ ) فيه حَذف الصِّفةِ مع بقاء الموصوف تقديرهُ: أفنتوضأ بماء البحر المِلحِ (٢)؟ فحذف الصفة كقوله تعالى: {الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} (٣) أي: الوَاضِح، وإنما يصح الحَذف إذا فهم المعنى طلبًا للاختصار مَع حُصُول المقصُود.

(فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -) قال ابن العربي: لو قال لهم (٤) النبي - صلى الله عليه وسلم -: نَعم، لما جَاز الوضوء به إلا لضَرورة، وعليه وقع سُؤالهم؛ فبها كان يرتبط جَوابهم لو قاله؛ فاستأنف بيان الحكم بجواز الطهَارة به (٥).

قال ابن دقيق العيد: وفيه وجه آخر: لو قال نعم لم يستفد منه من حيث اللفظ إلا جواز الوضوء به الذي وقع عنهُ السُّؤال ولما أجَاب بأنه الطهُور أفاد جَوَاز رَفع الأحداث أصغرها وأكبرها (٦) وإزالة


(١) في (ص، م، ل): ومآلًا.
(٢) في جميع النسخ: العذب. وفي هامش (د): لعله الملح.
(٣) البقرة: ٧١.
(٤) من (د).
(٥) "عارضة الأحوذي" لابن العربي ١/ ٨٨ - ٨٩.
(٦) في (م): أصغرهما وأكبرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>