للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

({فَانْكِحُوا مَا}) وجاز وقوع ما للآدميين وإن كان أصلها لمن لا يعقل؛ لأن من وما يتعاقبان، قال الله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (٥)} (١) أي من بناها، وقال الله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} (٢) أي: ما يمشي، فمن هنا لمن يعقل ومن النساء؛ لقوله تعالى بعد ذلك: {طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، وقرأه ابن أبي عبلة (٣): من طاب. على الأصل {طَابَ لَكُمْ} قيل: المراد نكاحًا طيبًا، وقراءة ابن أبي عبلة ترده.

واتفق كل من يعاني العلوم أن قوله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} ليس له مفهوم، فقد أجمع المسلمون على أن من لم يخف القسط في اليتامى فله أن ينكح أكثر من واحدة (٤)، وقد تعلق أبو حنيفة بهذِه الآية في تجويزه نكاح اليتيمة قبل البلوغ، وقال: إنها تكون يتيمة قبل البلوغ، وبعد البلوغ ليست بيتيمة (٥)، بدليل أنه لو أراد البالغة لما نهى عن حطها عن صداق مثلها لأنها تختار ذلك، فيجوز إجماعًا، وذهب مالك والشافعي والجمهور إلى أن ذلك لا يجوز حتى تبلغ وتستأمر (٦)؛ لقوله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} (٧)، والنساء اسم يطلق على الكبار، كالرجال في الذكور (قالت: يا ابن أختي) لأن عروة


(١) الشمس: ٥.
(٢) النور: ٤٥.
(٣) في النسخة الخطية: علية. وهو خطأ.
(٤) انظر: "المفهم" ٧/ ٣٣٠.
(٥) "الحجة على أهل المدينة" ٣/ ١٤٤.
(٦) "المدونة" ٢/ ١٠٣، وانظر: "المجموع" ١٦/ ١٦٨ - ١٦٩.
(٧) النساء: ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>