للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومذهب الشافعي (١) ومالك (٢) إباحته، وعمُوم الحَديث يقتضيه، ويستدل به عند القائلين بمفهوم المخالفة على أنه لا يجوز ابتلاع السمكة حَية لتخصيص (٣) الحِل بالموت، فيخرجُ منه الحي في الحكم، وبعضهم يَجعَل الموت في السَمك كالذبح في غَيره ليَحصُل الحِل، ويستدل لهذا اللفظ بمفهُوم الموافقة مِن وجه آخر، وذلك أنا لما بَينا (٤) أنَّ عُرف الشرع في الميتة ما عدم الحياة من غير ذَكاة، فإذا دل الدليل على إبَاحَة ذلك كان ما ذكي أولى بالإباحة.

وهذا من لطيف ما وقع أن يجتمع في لفظة واحدة مفهُوم المخالفة ومفهوُم الموافقة باعتبارين كما ذكرناهُ، وفي قوله: "والحِلُّ ميتته" إضافة الحِل إلى الميتَة، والأعيان لا تقبل الحِل والحُرمة بنفسها، بل بأمر يتعلق بها، فذهَب بَعض الأصُوليين إلى الإجمال (٥) في مِثل هذا؛ لأنهُ لا بد من إضمار مُتعلق، والمتعلقات مُتعدّدة لا ترجيح لبعضها على بعض بغَير دليل فيجيء الإجمال، واختاروا كونها (٦) مُقتضية لتحريم ما يراد من العَين عرفًا، فتحريم الميتة تحريم أكلها كما أن تَحريم الخَمر تحريم شربها.


(١) "الحاوي" ١٥/ ٦٤.
(٢) "الاستذكار" ٥/ ٢٨٦.
(٣) في (س، م): بتخصص.
(٤) في (م): بين.
(٥) في (س): الإضمار.
(٦) في (ص): ولكونها. وفي (س، ل): وأختار ولكونها.

<<  <  ج: ص:  >  >>