للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جدًّا (١) (وهزلُهن جِد) هذا الحديث له سبب، وهو ما رواه أبو الدرداء قال: كان الرجل يطلق في الجاهلية وينكح ويعتق ويقول: إنما طلقت وأنا لاعب، فأنزل الله هذِه الآية {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} (٢) على هذا (٣)، أي: لا تتخذوا أحكام الله في طريق الهزل؛ فإنها جد كلها، فمن هزل فيها لزمته. وفيه إبطال لأمر الجاهلية وتقرير للأحكام الشرعية (النكاح و) نسخة: وهو (الطلاق) قال الرافعي: الهازل بالطلاق يقع طلاقه، وصورة الهزل أن يلاعبها بالطلاق مثل أن تقول في معرض الدلال والاستهزاء: طلقني ثلاثًا، فيقول: طلقتك ثلاثًا، فيقع الطلاق؛ لأنه خاطبها بالطلاق عن قصد واختيار، وليس فيه إلا أنه غير راضٍ بالطلاق ظانًّا بأنه كان مستهزئًا غير راضٍ بوقوع الطلاق، وهذا الظن خطأ، ألا ترى أنه لو طلق بشرط الخيار لنفسه يقع الطلاق ويلغى الشرط، وإن لم يرض بالوقوع في الحال كما يقع طلاق الهازل في الظاهر ويقع في الباطن أيضًا، بخلاف ما إذا قال: أنت طالق، وقال: أردت من وثاق حيثُ يُدَيَّن ولا يحكم بوقوعه في الباطن؛ لأن هناك صرف اللفظ عن ظاهره إلى تأويل يدعيه، والهازل لا يصرف اللفظ إلى معنى آخر، قال: وهل ينعقد البيع وسائر التصرفات مع الهزل.

ووجه الآخر أن ظاهر الحديث يقتضي اختصاص التحاق الهازل بالجد في التصرفات الثلاثة.


(١) "النهاية في غريب الحديث" (جدد).
(٢) البقرة: ٢٣١.
(٣) رواه ابن أبي عمر في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (٣٥٢٩) عن أبي الدرداء.
وانظر: "الدر المنثور" ١/ ٦٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>