للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما الأعمال) جمع عمل وهو حركة البدن بكله أو بعضه، وربما أطلق على حركة النفس والأسبق في الفهم اختصاصه بالجارحة وعلى التفهم فتكون النية ونحوها من عمل القلب مخصوصًا من العموم؛ إذ لا يحتاج إلى نية، وكذلك بعض التروك كإزالة النجاسة ونحوها للدليل على خروج ذلك كله بخلاف الصوم؛ فإنه باقٍ على شموله الحكم له، فيحتاج إلى النية والفرق أن الصوم من قبل المصالح، فلا بد من حضوره في الذهن لتحصل مصلحة النفس بمشقة الجوع الباعث على الصدقة، وأما غيره فهو من قبيل درء المفاسد، وهو موجود وإن لم يخطر بالبال.

واعلم أن في الكلام حذفًا؛ لأن إنما كانت في الحصر ففيها نفي الحكم عن غير المذكور، والأعمال إذا وقعت من غير نية لا تكون مثبتة، ولا بد من تقدير ما يصح فيه الكلام بما يناسب معناه المقصود منه، ويسمى مثل هذا عند الأصوليين دلالة الاقتصار. واختلفوا في المقدر المناسب، فالشافعية وغيرهم قدروا: إنما صحة الأعمال (١) أو إنما اعتبار الأعمال (بالنية) وقدر قومٌ: إنما كمال الأعمال بالنية، والأول أرجح باعتبار أن النفي لما يُقَدَّرُ كان التجوز بما هو أقرب إليه أولى من البعيد، ونفي الصحة أقرب لنفي الحقيقة من نفي الكمال؛ لأن الصحة ألزم للحقيقة من الكمال، نعم ينبغي أن يكون المقدر: إنما الأعمال معتبرة أو مجزئة بالنية؛ إذ لا بد للجارِّ من متعلق محذوف هنا هو الخبر في الحقيقة فينبغي أن يجعل المقدر أولًا في ضمن الخبر كما


(١) انظر: "الغرر البهية في شرح البهجة الوردية" ١/ ٨٤، "إعانة الطالبين" ١/ ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>