للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مثلناه، فيستغني عن إضمار شيء في الأول، لئلا يصير في الكلام حذفان: حذف مبتدأ أولًا، وحذف الخبر ثانيًا.

قال البرماوي: لكن يعارضه أن الخبر يصير كونًا خاصًّا، وإذا قدرنا إنما صحة الأعمال كائنة كان كونًا مطلقًا، وحَذفُ الكون المطلق أكبر من الكون الخاص وحذف المضاف كثير أيضًا بارتكاب حذفين نكرة، وقياس أولى من حذف واحد نقله شذوذًا، ويشهد لذلك ما قرروه في حذف خبر المبتدأ بعد لولا في الكون الخاص على العام، ومنهم من جعل المقدر القبول أي: إنما قبول الأعمال بالنية الباقية يحتمل أن تكون للمصاحبة، ويحتمل أن تكون للشبهية، ويظهر أثرهما في أن النية شرط أو ركن إن قلنا للمصاحبة: كانت شرطًا؛ لأن الشرط خارج عن الماهية مصاحب لها، أو للشبهية كانت ركنًا؛ لأن جزاء الماهية له تأثير.

قال الحافظ المقدسي: النية والقصد والإرادة والعزم بمعنًى، والعرب تقول: بوأك الله بحفظه، أي: قصدك، وعبارة بعضهم: أنها تصميم القلب على فعل الشيء. وقال الماوردي: هي قصد الشيء مقترنًا بفعله وإن تراخى عنه كان عزمًا (١)، قاله في كتاب الأيمان، وأصل النية نوية بكسر النون فقلبت الواو ياءً لسكونها بعد كسرة وأدغمت، قال الجوهري: ويقال في النية نية بالتخفيف (٢)، وفي رواية: "بالنيات" كما بوب عليه المصنف، وهذا من مقابلة الجمع بالجمع على معنى لكل عمل نية كرَكِبَ القوم دوابَّهم.


(١) نقله عنه في "مغني المحتاج" ٥/ ٤٢٧.
(٢) "الصحاح" (نوى).

<<  <  ج: ص:  >  >>