للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الباقلاني - في قوله - عليه السلام - عن الله تعالى: "إذا هم عبدي بحسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل، فإذا عملها فأنا أكتبها له عشرًا، وإذا هم بسيئة فأنا أغفرها ما لم يعملها، فإذا عملها فأنا أكتبها له سيئة واحدة" (١). قال القاضي: إن الهم هنا ما يمر بالفكر من غير استقرار ولا توطين، فلو استمر ووطن قلبه عليه لكان ذلك هو العزم المؤاخذ به أو المثاب عليه، بدليل قوله - عليه السلام -: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار". قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه" (٢). ولا يقال: هذِه المؤاخذة هنا إنما كانت لأنه قد عمل بما استقر في قلبه من حمله للسلاح عليه لا مجرد حرص القلب [لأنا نقول] (٣) أن هذا فاسد؛ لأنه - عليه السلام - قد نص على ما وقعت المؤاخذة به [وأعرض عن غيره] (٤) فقال: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه"، فلو كان حمل السلاح هو العلة لما سكت عنه وعلق المؤاخذة على غيره؛ لأن ذلك خلاف البيان الواجب عند الحاجة إليه.

قال القرطبي: وهذا الذي صار إليه القاضي هو الذي عليه (٥) عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين فلا يلتفت لكلام غيره (٦).


(١) أخرجه مسلم (١٢٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنهم - بلفظ: "تحدث عبدي بأن يعمل" بدلا من "هم عبدي".
(٢) سيأتي برقم (٤٢٦٨).
(٣) و (٤) بياض في الأصل. والمثبت من "المفهم".
(٥) من "المفهم".
(٦) "المفهم" ١/ ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>