الميم جمع مسألة، قيل: كرهها لكثرتها كما قد جاء النص الصريح في النهي عن كثرة السؤال وقيل وقال (١)، ويحتمل أن تكون المسائل من باب التعبير بالجمع عن المفرد، ويكون كره المسألة لقبحها وبشاعة ذكرها، ولهذا قال:(وعابها) أي: عاب ذكر هذِه المسألة، ويدل على هذا قول عاصم: قد كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسألة التي سألته عنها (حتى كبر) بفتح الكاف وضم الباء الموحدة، أي: عظم فهو كبير أي: عظيم.
(على عاصم ما سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وشق عليه قوله الذي كرهه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر) العجلاني (قال: يا عاصم، ماذا) ذا بمعنى الذي يعني: ما الذي (قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) عما سألته عنه؟ قال: قد كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسألة التي سألته عنها من جهتك، قال بعضهم: كره السؤال عما لا حاجة للسائل عنه دون ما به إليه حاجة، وذلك أن عاصمًا إنما سأل لغيره لا لنفسه، فأظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكراهة في ذلك إيثارًا لستر العورات، فأما ما كان من السؤال على وجه التبيين والتعليم فيما تدعو الحاجة إليه من أمر الدين فلا بأس بها وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسأَلُ عن الأحكام فلا يكره ذلك، وقيل: كره قذف الرجل امرأته وذكرها بما يكرهه.
(فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها لعله) فهم من قوله: كره رسول الله النهي عن ذكرها والكراهة كراهة تنزيه لا تحريم، ولهذا قال: لا أنتهي، ولو أن النهي للتحريم لكرهه (فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله
(١) رواه البخاري (١٤٧٧)، ومسلم (٥٩٣) من حديث المغيرة بن شعبة.