للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واعلم أن قولهم: فرَّق - بتشديد الراء - في الأجسام وبتخفيفها في المعاني، فإن المراد به في الأغلب وإلا فقد قال الله تعالى: {فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ} (١) أي: فلقنا لكم البحر حتى صار {كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} (٢) فالباء في الآية بمعنى اللام.

(وقضى) النبي - صلى الله عليه وسلم - أي: حكم بينهما (أن لا يدعى) أي: لا ينتسب (ولدها) الذي ولد على فراشها (لأب) بل لأم (وألا ترمى) المرأة بعد ذلك بالزنا لسقوطه عنها باللعان (و) أن (لا يرمى ولدها) أيضًا بأنه ولد زنا إذا لم يتبين أمره، ولهذا قال - عليه السلام -: "أحدكما كاذب" (٣). ولم يبين الصادق من الكاذب إذ لم يطلعه الله عليها (ومن رماها أو رمى ولدها) بالزنا (فعليه الحد) أي: حد القذف.

وقد استدل به على أن من قذف الملاعنة يجب عليه الحد، وبه قال مالك (٤) والشافعي (٥) وأحمد (٦) وجمهور العلماء بلا خلاف؛ لأن حصانتها الثابتة بالشرع لم تسقط باللعان، ولا يثبت الزنا به، ولذلك لم يلزمها بعد اللعان حد، وكذا من قذف ابن الملاعنة وقال: هو ولد زنا وجب عليه الحد لهذا الحديث، وكذلك إن قال له: أنت من الذي رميت يجب عليه الحد، فأما إن قال له: لست ابن فلان الملاعن


(١) البقرة: ٥٠.
(٢) الشعراء: ٦٣.
(٣) سبق برقم (٢٢٥٤).
(٤) "المدونة" ٤/ ٥٠٢.
(٥) "الأم" ٦/ ٧٤٤.
(٦) انظر: "مختصر الخرقي" ١/ ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>