للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشعبي، عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه -: لما نزلت هذِه الآية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ}) حتى لانتهاء غاية التحريم الأكل والشرب والجماع بتبين الفجر الصادق ({الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ}) وهو ما يبدو من الفجر المعترض بالأفق ({مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}) (١) قال الزمخشري: بيان الخيط الأبيض واكتفى به عن بيان الخيط الأسود؛ لأن بيان أحدهما بيان الثاني، ويجوز أن يكون من للتبعيض؛ لأنه بعض الفجر.

فإن قلت: أهذا من الاستعارة أم من باب التشبيه؟

قلت: قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} أخرجه من باب الاستعارة كما أن قولك: رأيت أسدًا مجازًا، فإذا زدت (من فلان) كان تشبيهًا.

فإن قلت: فلم زيد {مِنَ الْفَجْرِ} حتى كان تشبيهًا، وهلا اقتصر به على الاستعارة التي هي أبلغ من التشبيه وأدخل في الفصاحة؟

قلت: لأن من شرط المستعار أن يدل عليه الحال أو الكلام، ولو لم يذكر من الفجر لم يعلم أن الخيطين مستعاران فزيد {مِنَ الْفَجْرِ}، فكان تشبيهًا بليغًا، وخرج عن كون استعارة؛ لأن الاستعارة هي أن يذكر أحد طرفي التشبيه ويراد به الطرف الآخر، وها هنا الفجر هو المشبه والخيط الأبيض المشبه به، وهما مذكوران، فلا يكون استعارة (٢).

(أخذت عِقالًا أبيض وعِقالًا أسود) ظاهر قول عدي: لما نزلت الآية .. أخذت. يدل على أنه كان حاضر نزول هذِه الآية، وهو يقتضي تقدم إسلامه، وليس كذلك؛ لأن نزول فرض الصوم كان مقدمًا في أوائل


(١) البقرة: ١٨٨.
(٢) "الكشاف" ١/ ٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>