للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنما قال ذَلك لمعنى جليل لطيف جدًّا، وهو الإشارة والتنبيه على أن نومه - صلى الله عليه وسلم - مغاير لنومنا إذ (١) كانَ - عليه السلام - تنام عَيناه ولا ينام قلبه، فإن قلت: قوله: "أحدكم" يعطى هذا المعنى المذكور؟ قلت: أجل، ولكنه جاء على طريق المبَالغة والتأكيد، وربما سمى أهل علم البيان مثل هذا نظرية، وهو أن يكون المعنى مُستقلًّا بالأول (٢)، ويؤتى باللفظ الثاني للتأكيد (فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ) احترز بالإناء عن البركة (٣) ونحوها، والمراد بالإناء ما يسَع دُون قلتين [والماء إن] (٤) كثر حكمه حكم القليل.

قال ابن دَقيق العيد: فرق أصَحاب الشافعي بين حَالة المُستيقظ من نومه وغير المستيقظ فقالوا في المُستيقظ مِنَ النوم: يكره أن يغمس يده في الإناء قبل غسلها ثلاثًا، وفي غير المُستيقظ يُستحبُّ له غسلها قبل إدخالها في الإناء. قال: وليعلم الفرق بين قولنا: يُستحب فعل كذا وبين قولنا: يكره تركه، فإنه لا تلازم بينهما، فقد يكون الشيء مُستحب الفعل، ولا يكون مكروه الترك كصلاة الضحى وكثير من النوافل، وغَسل الكفين (٥) لغَير المُستيقظ من النوم قبل إدخالهما (٦) الإناء من المُستحبات وترك غسلهما (٧) للمُستيقظ من المكروهات، فقد وردت


(١) في (ص، س، ل): إذا.
(٢) في (ص، س، ل): فالأول.
(٣) في (د): البرك.
(٤) في (ص، د، س، ل): والمائع وإن.
(٥) في (ص، س، ل، م): الكف.
(٦) في (ص، س، ل، م): إدخالها.
(٧) في (ص): غسلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>