للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كثر منهم العصيان والفساد (تَقَذَّرهم) بفتح التاء والقاف والذال المشددة، أي: تتقذرهم ثم حذفت التاء الأولى ويجوز: (تَقْذَرهم) بسكون القاف وفتح الذال: أي: تكرههم، وفي "شرح الخطابي" (١): تأويله أن الله يكره خروجهم إليها، ومقامهم بها، فلا يوفقهم، فصاروا بالصد وترك القبول في معنى الشيء الذي تقذره (٢) نفس الإنسان.

(نفس الله) أي: يكره الله خروجهم إلى الشام، ومقامهم بها؛ فلا يوفقهم إلى المهاجرة إليها، بل إلى غيرها، فصاروا بترك الخروج إليها في معنى الشيء الذي تقذره نفس الإنسان، أي: ذاته، فلا تقبله، والنفس هنا ذات الله تعالى، كما قال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (٣) كما تقول: قتل فلان نفسه، أي: ذاته كلها، ويحتمل أن تكون النفس هنا أهل شريعة الله القائمين على الحق الذين لا يضرهم من ناوأهم، كما قال تعالى: {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} (٤) أي: بأهل شريعتهم، ولما كره الله خروجهم إلى الشام أزال رغبتهم عنها (٥) فارتحلوا إلى غيرها، فكأن الأرض لفظتهم عنها بفعل الله، وفي الكلام مجاز واتساع نظيره قوله تعالى: {كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} (٦) أي: عن الخروج إلى الغزو، ووجهه أن الله لما كره


(١) "معالم السنن" للخطابي ٢/ ٢٣٥.
(٢) في الأصلين: تقذرهم، والمثبت أليق بالسياق.
(٣) آل عمران: ٢٨، ٣٥.
(٤) النور: ١٢.
(٥) في (ر): فيها، والمثبت من (ل).
(٦) التوبة: ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>