للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} (١)، ثم بدأ بالآخر فبينه بقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ}، والمعنى أنه لا يجوز قص الشعر الذي على أذناب الخيل وما في معناها من الإبل والبقر والبغال والحمير، سواء كان في ملكه أم لا، وسواء كان أهليًّا أو وحشيًّا؛ لأن فيه إضرارًا (٢) بالحيوان الذي له حرمة في نفسه، وقد صرح الجويني بتحريم جز الصوف من الحيوان، وكذا حلقه من الظهر ونحوه ذكره في البيوع من "الفروق"، وكما لا يجوز قص شعر الذنب لا يجوز إزالته بنتف ولا بحلق ولا بنورة ولا بغيرها.

وقد يؤخذ من الحديث جواز دفع الذباب والناموس ونحوهما عن وجه الآدمي وبدنه بالمِذبة المتخذة لذلك وباليد وغيرها، وكذا عن الطعام لئلا يقع فيه الذباب فيفسده أو يتقذر من أكله الآدمي ويستدل به على استعمال المذبة وصناعتها وجواز بيعها.

وإذا قلنا: لا يجوز قص شعر الذنب من الحيوان فقطع الذنب بما عليه من الشعر أولى بعدم الجواز (ومعارفَها) بالنصب (دِفاؤها) بكسر الدال: كساؤها الذي تستدفئ به، كما قال تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} (٣) قال الزمخشري: الدفء ما يدفأ به كما أن الملأ اسم لما يملأ به، وهو الدفأ من لباس معمول (٤). لكن أكثر


(١) آل عمران: ١٠٦.
(٢) في الأصول: إضرار.
(٣) النحل: ٥.
(٤) "الكشاف" ٢/ ٥٥٥، تتمة كلام الزمخشري: معمول من صوف أو وبر أو شعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>