للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القرطبي (١): هذا ظاهر في أنه تحرم الطاعة في المعصية المأمور بها، وأن المطيع فيها يستحق العقاب.

(وقال: لا طاعة في معصية الله) قال القرطبي (٢): لو أمر بمعصية مثل أخذ مالٍ بغير حق أو قتل أو ضرب بغير حق فلا يطاع في ذلك ولا ينفذ أمره، ولو أفضى ذلك إلى ضرب ظهر المأمور وأخذ ماله؛ إذ ليس دم أحدهما ولا ماله بأولى من دم الآخر ولا ماله، وكلاهما يحرم شرعًا؛ إذ هما مسلمان ولا يجوز الإقدام على واحد منهما لا للآمر ولا للمأمور؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". كما ذكره الطبراني (٣) (٤) ولقوله في الحديث الآتي: "فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة".

(إنما الطاعة) أي الواجبة (في المعروف) ومقتضى هذا الحصر أن الطاعة لا تكون إلا في معروف. ويعني بالمعروف هنا ما ليس بمنكر ولا معصية، فيدخل فيه الطاعات الواجبة والمندوب إليها، والأمور الجائزة شرعًا، وقد صرح أصحابنا بأن الإمام إذا أمر بصيام الثلاثة الأيام المستحبة لصلاة الاستسقاء أنها تصير واجبة بأمر الإمام.

قلت: فعلى هذا إذا أمر الإمام في الشتاء برفع الطين من الشوارع، أو أمر بتعليق الثياب التي يتزين بها عند ولاية الإمام فتجب طاعته، إذا لم


(١) "المفهم" ٣/ ٣٩.
(٢) "المفهم" ٣/ ٣٩.
(٣) في (ل): الطبري.
(٤) "المعجم الأوسط" (٤٣٢٢)، و"المعجم الكبير" (٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>