للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فقال: أسلمت لله) أي: دخلت في دين الإسلام وتدينت به (أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ ) أي قال: أسلمت لله (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تقتله) قال القرطبي (١): فيه دليل على أن كل من صدر عنه أمرٌ ما مما يدل على الدخول في دين الإسلام من قول أو فعل حكم له بذلك بالإسلام، وامتنع قتله، وأن ذلك ليس مقصورًا على النطق بالشهادة.

وقد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسلام بني جذيمة الذين قتلهم خالد بن الوليد وهم يقولون: صبأنا صبأنا. ولم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا. فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" ثلاث مرات رافعًا يديه إلى السماء، ثم وداهم (٢).

على أن قوله: في هذِه الرِّواية: أسلمت لله يحتمل أن يكون نقلًا بالمعنى، فيكون بعض الرواة عبَّر عن قوله: لا إله إلا الله بأسلمت كما جاء مفسرًا في رواية لمسلم (٣) قال فيها: فلما أهويت لأقتله قال: لا إله إلا الله.

(فقلت: يا رسول الله، إنَّه قطع يدي) بكسر الدال (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تقتله) أي: لأنه حرام الدم، عصم نفسه وماله حين نطق بما يوجب عصمته من كلمتي الإسلام التي قالها (فإن قتلته) وتأثم بقتله (فإنَّه بمنزلتك) ظاهره في الكفر. قال القرطبي: وليس ذلك بصحيح؛ لأنه إنما قتله متأولًا أنه باقٍ على كفره، فلا يكون قتله كبيرة، إذا لم


(١) "المفهم" ١/ ٢٩٤.
(٢) رواه البخاري (٤٣٣٩).
(٣) "صحيح مسلم" (٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>