للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بغضب الله من باب تعظيم الذنب والخوف منه، فكلما عظَّم الإنسان ذنبه صغر عند الله، وإذا احتقره عظم عند الله كما في الصحيح (١): "الفاجر يرى ذنبه كذباب مر على أنفه، والمؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه". ويشهد بهذا ما في الوجود من خوف المؤمن وتهاون الفاجر.

ولعل هذا الفرار والحيصة حين كانوا بأرض عثمان وبلغهم أن هرقل نزل بأرض مآب من أرض البلقاء بمائة ألفٍ من الروم وانضم إليهم من لَخْمٍ، وَجُذَامٍ، وبَلِيّ مائة ألف، وأنهم أقاموا في معان ليلتين ينظرون في أمرهم، وقالوا: نكتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخبره بعدد عدونا، وكان المسلمون لا يزيدون على ثلاثة آلاف (٢).

قال الترمذي في "السنن" (٣): حاص الناس حيصةً. يعني: أنهم فروا من القتال.

(وبُؤْنا) بضم الباء وإسكان الهمزة، فرجعنا به، أي: صار علينا لازمًا لنا (بالغضب) والمراد به العقاب المذكور في قوله تعالى: قوله - عز وجل -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} (٤).


(١) رواه البخاري (٦٣٠٨)، ومسلم (٢٧٤٤).
(٢) وهي غزوة مؤتة. انظر: "الروض الأنف" ٤/ ١٢١.
(٣) "سنن الترمذي" ٤/ ٢١٥.
(٤) الأنفال: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>