للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قريش (فقلت: يا رسول الله، إني والله لا أرجع إليهم أبدًا) عنى بالأبد: أبد حياته، كما قال تعالى: {مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} (١).

ويحتمل أن يكون المراد: لا أحب أن أرجع إليهم؛ فإن الإنسان إذا كره خصلة كره أهلها العاملين بها، وكره مخالطتهم، وعلامة صحة التوبة من المعصية أن يهجر من كان يعاشره في تلك المعصية.

(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني لا أَخِيس) بفتح الهمزة وكسر الخاء المعجمة وإسكان المثناة تحت ثم سين مهملة (بالعهد) أي: لا أنقضه ولا أنكثه، أصله من قولك: خاس الشيء في الإناء إذا فسد. قال في "النهاية": خاس بعهده يخيس، وخاس بوعده أخلفه، خاس بعهده إذا نقضه. وأصله من خاس الشيء في الوعاء إذا فسد، ويقال: خاس بوعده إذا أخلفه (٢). قال الجوهري: خاس به يخيس ويخوس، أي: غدر به، وخاس الطعام إذا فسد (٣).

وفيه دليل على وجوب الوفاء بالشرط الصحيح مع المسلمين والكفار، وقوله -عليه السلام-: "المؤمنون عند شروطهم" كما أخرجه أبو داود (٤) والترمذي (٥)، زاد الترمذي: إلا "شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا".

والمعتاد في الشرط أن يقول": صالحناكم على أن (٦) من جاءكم من


(١) الكهف: ٣٥.
(٢) "النهاية في غريب الأثر" ٢/ ١٩٠.
(٣) "الصحاح في اللغة" ٣/ ٦٤.
(٤) سيأتي في كتاب الأقضية (٣٥٩٤).
(٥) "سنن الترمذي" (١٣٥٢)، وقال: حديث حسن صحيح.
(٦) ساقطة من (ر).

<<  <  ج: ص:  >  >>