للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قدموا المدينة في عيد الأضحى من الجهد الذي حصل لهم في بلادهم لعلمهم أن عيد الأضحى يكثر فيه اللحم (فكلوا) من أضحيتكم البعض (وتصدقوا) على هؤلاء المحاويج الذين جاؤوا إليكم (وادخروا) لما ارتفعت العلة من الادخار ارتفع المنع المتقدم لارتفاع موجبه، لا لأنه منسوخ.

قال القرطبي: وهذا يبطل قول من قال: إن ذلك المنع إنما ارتفع بالنسخ، ولا يقال: إنه قوله: (ادخروا) رفع لحكم الخطاب الأول، وهذا هو حقيقة النسخ؛ لأنا نقول: لعمر الله هذا ظاهر هذا الحديث مع أنه يحتمل أن يكون ارتفاعه بأمر آخر غير النسخ، فلو لم يرد لنا نص بأن المنع من الادخار ارتفع لارتفاع علته لما عدلنا عن ذلك الظاهر وقلنا هو نسخ، كما قلناه في زيارة القبور وفي الانتباذ (١) في الحنتم المذكورين معه في حديث بريدة (٢)، لكن الذي في حديث عائشة هذا ثبَّت في التعليل: أن ذلك الرفع ليس للنسخ، بل لعدم العلة، فيؤثر ترك ذلك الظاهر والآخر لذلك الاحتمال لقصد النص.

والفرق بين رفع الحكم بالنسخ ورفعه لارتفاع علته [أن المرفوع بالنسخ لا يحكم به أبدًا، والمرفوع لارتفاع علته] (٣) يعود الحكم لعود العلة، فلو قدم على أهل بلد ناس محتاجون في زمان الأضحى ولم يكن عند أهل ذلك البلد سعة يسدون بها فاقتهم إلا الضحايا لتعين


(١) في الأصول: الانقياد. والمثبت من "المفهم" ٥/ ٣٧٨.
(٢) أخرجه مسلم (٩٧٧).
(٣) سقط من (ر).

<<  <  ج: ص:  >  >>