للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه استشارة الأكابر وأخذ رأيهم والائتمار برأيهم (١).

وفيه دليل لما كان عليه أكابر السلف الصالح من إخراج أنفس أموالهم عندهم امتثالًا لما رغب عليه قوله تعالى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (٢) وفقنا الله لذلك.

(قال: إن شئت حبست) بتشديد الباء الموحدة للمبالغة في حبس الشيء (٣)؛ فلهذا كان صريحًا في الوقف لاقتضائه بحسب الغلبة استعمال الحبس على الدوام (أصلها) أي حقيقة الأرض التي تقدم ذكرها (وتصدقت بها) أي: أعيد الضمير على الأرض التي حبسها فيكون ذلك من ألفاظ الوقف التي تكلم الفقهاء في كونه صريحًا بنفسه، وإذا قيد بقرينة أو أعيد على ثمرته وعليه كانت الصدقة على بابها لا على معنى التحبيس، ولكن يكون على حذف مضاف تقديره: وتصدقت بثمرتها كما قال ابن دقيق العيد (٤) أو تصدقت بمنفعتها أو بِغَلَّتِها، وبهذا جزم القرطبي (٥) (فتصدق بها عمر) -رضي الله عنه - (على ألا يباع أصلها ولا يوهب) كما أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الماوردي (٦): وهذِه أول صدقة مؤبدة تصدق بها في الإسلام. (ولا يورث) عن الواقف


(١) "شرح مسلم" للنووي ١١/ ٨٦، "فتح الباري" ٥/ ٤٧٣.
(٢) انظر: "إحكام الأحكام" ١/ ٣٧٦، "فتح الباري" ٥/ ٤٧٣.
(٣) "إعراب ما أشكل من ألفاظ الحديث" للعكبري (٢١٦).
(٤) "إحكام الأحكام" ١/ ٣٧٧.
(٥) "المفهم" ٤/ ٥٩٩، والذي فيه يدل على قول ابن دقيق العيد.
(٦) لم أقف على هذا القول للماوردي فيما بين يدي من كتب له وإنما هو بمعناه من قول ابن عمر -رضي الله عنه - أخرجه أحمد في "المسند" ٢/ ١٥٦، وانظر: "فتح الباري" ٥/ ٤٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>