للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنهم لما دخلوا فيه لأجل الإبل التي جعلت لهم لم يكن إسلامهم حسنا؛ لأنه كان للرغبة في الإبل التي هي أنفس أموالهم، فلما دخلوا فيه وذاقوا طعمه وجدوا حلاوته، فطاب وقتهم ورغبوا فيه، وأخلصوا العمل. والإخلاص شرط في الإيمان والإسلام معا، وذلك أن من تلفظ بكلمة الإسلام وجاء بالعمل من غير نية لم يكن إسلامه حسنًا. قال ابن الأثير (١): ولا كان إسلامهم صحيحًا.

(ثم بدا له أن يرتجعها منهم، أفهو أحق بها أم هم؟ ) أحق لأنهم لم يسلموا إلا على أخذها (فقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن بدا له) أي: أراد (أن يسلمها لهم فليسلمها) لعله كان قسمها بينهم ولم يسلمها لهم، بل تركها عنده، أو ائتمن الراعي عليها أو غيره (وإن بدا له أن يرتجعها) فخيره بين الأمرين، لكن قدم تسليمها إليهم؛ لأنه الأفضل لمن خرج عن شيء لله تعالى لا يعود فيه.

(فهو أحق بها منهم) وفيه من الفقه أن من أعطى رجلًا مالًا على أن يفعل أمرًا هو لازم للآخذ مفروضًا عليه فعله ففعله فإن للمعطي ارتجاعه منه؛ لأن الإسلام كان فرضًا واجبًا عليهم فلم يجز لهم أن يأخذوا عليه جعلًا، وكذا فعل كل ما لا يتعدى نفعه فاعله من العبادات المختصة كالصيام وصلاة الإنسان لنفسه، وحجه عن نفسه، وأداء زكاة نفسه، فلا يجوز أخذ الجعالة والأجرة على شيء من هذا بلا خلاف؛ لأن المال المأخوذ عوضًا هو للانتفاع الحاصل للباذل، ولم يحصل لغير الفاعل هاهنا انتفاع، فأشبه إجارة الأعيان التي لا نفع فيها.


(١) سقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>