للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قال: لا) وسؤاله - صلى الله عليه وسلم - للمقداد عن إدخال يده في الجحر عقب استفتائه عن حكم صدقة الذهب يدل بالالتزام على أن إدخال اليد علة لوجوب الصدقة، فإن كان أدخل يده في الجحر وجبت الزكاة، وإن لم يكن أدخلها لم تجب، فلما أخبره أنه لم يدخل يده، قال له: "ارجع بها لا صدقة فيها" كما في رواية ابن ماجة، والمعنى: لا صدقة فيها؛ لأنك لم تدخل يدك في الجحر لإخراجه، وهذا آخر مسالك العلة المسمى بالإيماء والتنبيه (١) ونظيره: "أينقص الرطب إذا جف؟ " قال: نعم. قال: "فلا إذًا" (٢).

فإن قيل: ذهب القاضي أبو حامد المروزي والإمام الرازي وغيره كما قال الشيخ أبو إسحاق في "التبصرة" إلى أنه لا يجوز تعليل الحكم الوجودي بالعدمي، وقولكم هنا: سقط وجوب صدقة الذهب لعدم إدخال اليد وعدم إدخال: عدم، فلا يكون علة لحكم السقوط.

فالجواب: أن هذا ليس من هذا الباب، بل هذا من تعليل الحكم العدمي بالوصف العدمي، وهو جائز بلا خلاف، وتقديره عدم الصدقة في الدنانير (٣) عدم إدخال اليد. مع أن الذي عليه أكثر المتقدمين منهم القاضي أبو بكر الطيب والشيخ أبو إسحاق وأبو الوليد الباجي إلى جواز تعليل الوجودي بالعدمي؛ لأنه لا معنى للعلة إلا المُعَرِّف، وهو غير منافٍ للعدم، ومثاله علة تحريم متروك التسمية عدم ذكر اسم الله (٤).


(١) انظر: "الإحكام" للآمدي ٣/ ٧٢.
(٢) سيأتي برقم (٣٣٥٩).
(٣) في الأصل: (الدنيا). ولعل المثبت هو الصواب.
(٤) انظر: "البحر المحيط" للزركشي ٤/ ١٣٤، و"الإبهاج" ٣/ ١٤٨، و"الإحكام" ٣/ ٢٢٩، و"المحصول" للرازي ٥/ ٤٣٨ و"نهاية السول" ٢/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>