للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويؤخذ من ذكر هذِه العلة التي جعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - علة أنه لو أدخل يده في الجحر وأخرج الدنانير منه لكان ركازًا يجب فيه الخمس، ولكان فيه دليل على أن الركاز لا يشترط فيه النصاب؛ لأن الثمانية عشر دينارًا دون النصاب.

(فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: بارك الله) تعالى (لك فيها) قال الخطابي: هو محمول على بيان الأمر في اللقطة إذا عُرِّفَتْ سنة، فلم تُعْرَفْ كانت لآخذها (١).

قلت: وهذا الاحتمال بعيد، وأقرب منه أن يحمل على صحة الاكتفاء بأصل التعريف مرّة واحدة في هذِه الصورة، فإنه لما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حكمها بحضرة الصحابة وعلى رؤوس أشهادهم، وعرفوا أنه التقطها كما قال: من الخربة، ولم يعرفها أحد ولا عرف صاحبها، وما وقع بمحضر الصحابة لذكره لها لا يخفى أمره [عن الغائبين] (٢) فإن هذا الحكم ينقل إلى من يحضر لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامْ -: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب" (٣). فلما لم يعرفها الحاضرون والغائبون كان ذلك كافيًا في التعريف، إذ هو أبلغ من تعريفه إياها عند الخربة سنة.

وقد أشار إمام الحرمين إلى الاكتفاء بمثل هذا، فإنه ذكر هذا عقب قوله: لم يصر أحد من الأصحاب إلى إسقاط التعريف، وقد يحمل على أن هذا الموجود في خربة عادته ليست ملكًا لمسلم، فيكون ركازًا، والثمانية عشر دينارًا دون النصاب، فلا صدقة. ويدلى على هذا قول


(١) "معالم السنن" ٣/ ٣٠٣.
(٢) سقط من (ر).
(٣) أخرجه البخاري (١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>