للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعفاه) وعافاه (الله) تعالى (منه كان كفارةً) بالنصب الما مضى من ذنوبه، وموعظةً) أي: واعظا اله فيما يستقبل) من الزمان؛ لأنه يحصل له تنبيه واعتبار بخلاف المنافق فإنه لا يتوب فلا يفيده مرضه في الماضي ولا في المستقبل (وإن المنافق إذا مرض ثم أُعفِيَ) بضم الهمزة وكسر الفاء أي: عافاه الله تعالى منه (كان كالبعير عَقَلَهُ أهلُه) بعقالٍ (ثم أرسلوه) أي: أطلقوه من عقاله (فلم يدر لم) أي: لأي شيء (عقلوه ولم يدر لم أرسلوه) منه، فهو لا يتذكر الموت ولا يتعظ مما حصل له ولا يستيقظ من غفلته؛ لأن قلبه بحب الدنيا مشغول وبشهواتها ولذاتها مشغوف فلا ينجع فيه سبب الموت ولا يذكره حسرة الفوت.

(فقال رجل ممن حوله: يا رسول الله، وما الأسقام؟ والله ما مرضتُ قط فقال) له (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قم عنا فلست منا) أي: لست على طريقتنا وعادتنا، فإن المؤمنين يصابون ويبتلون ويمرضون ويعافون.

(فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل عليه كساء، وفي يده شيء قد التف عليه) يعني: بعض الكساء الذي هو لابسه (فقال: يا رسول الله إني لما رأيتك أقبلتُ) بضم تاء المخاطب، يعني: إليك (فمررت بغيضة) بغين وضاد معجمتين (شجر) (١) وهي الأجمة وهي بعض ما يجتمع فيه الماء فينبت فيه الشجر، والجمع غياض (٢) من قوله تعالى: {وَغِيضَ المَاءُ} (٣).

(فسمعت فيها أصوات فراخ طائر فأخذتهن فوضعتهن في كسائي


(١) بياض في الأصل والمثبت من المطبوع.
(٢) "الصحاح" غيض ٣/ ١٠٩٧.
(٣) هود: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>