للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} (١) (وَبَكَينَ) بفتح الكاف (فجعل) جابر (بن عتيك يسكتهن، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دعهن، فإذا وجب) أي: له على الله تعالى ما وعده به من الجنة أو النار بموته، ويحتمل أن يراد: فإذا وجب أي: لزمه الموت الذي كتبه الله على خلقه؛ فإنَّ الواجبَ هو اللازم (فلا تبكين باكية) أي: بعد موته. استدل به من فرَّق في جواز البكائين ما قبل الموت فيجوز، وأما بعده فلا يجوز.

وحكى النووي أن الجمهور على أنه بعد الموت خلاف الأولى.

قال: ومنهم من قال إنه مكروه. وفي كلام الشيخ أبي حامد من أصحابنا ما يقتضي أنه حرام؛ فإنه قال: إذا قلت إنه مباح من غير ندب ولا تعديد فوقته ما لم يمت الميت، فإذا مات خرج وقت البكاء وكان ممنوعًا منه فيما بعد. واستدل بهذا الحديث (٢). قال المحاملي في "التجريد": قال الشافعي: ووقت البكاء إلى أن يموت الميت، فإذا مات قطع. وفرق الشيخ أبو حامد بين ما قبل الموت وما بعده بأن قبل الموت يرجى فيكون البكاء حذرًا عليه، وبعده لا معنى له.

قال السبكي: والصواب أنه لا يحرم؛ لما في البخاري: شهدنا بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان (٣).

وفي "صحيح مسلم" (٤): أن النبي -صلى الله عليه وسلم- زار قبر أمه، فبكى وأبكى من


(١) "البحر المحيط" ٥/ ٢٩٩ والآية من سورة يوسف: ٣٠.
(٢) "المجموع " ٥/ ٣٠٧.
(٣) انظر: "أسنى المطالب" ١/ ٣٣٥.
(٤) (٩٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>