للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النووي: وهذا المذهب أقوى دليلًا (١).

قالَ الخَطابي (٢): ذَهبَ إلى هذا عَامة أصحاب الحَديث، وأجَاب (٣) الأكثرون عَن هذا الحَديث بأنه منسوخ بحديث جَابر الآتي وهو ترك الوضوء مما مَستهُ النار. ولكن يُقال: هذا الحَديث عَام وحَديث الوضوء من لحُوم الإبل خَاص، والخاص مُقدم على العَام فادعَاء النسخ لا يصح؛ لأن العَام لا ينسخ به الخاص؛ لأن من شرط النسخ تعذر الجمع.

والجمع بين الخاص والعَام ممكن بتنزيل العَام على ما عدا محَل التخصيص؛ ولأن الأمر بالوضوء من لحوم الإبل متأخر عن نسخ الوضوء مما مسته (٤) النار أو مقارن له، بدليل أنه قرن الأمر بالوضوء من لحوم الإبل بالنهي عن الوضوء من لحوم الغنم، وهي مما مسَّت النار، فإمّا أن يكون النسخ حَصَل بهذا النهي. وإما أن يَكون بشيء قبلهُ فإن كانَ به؛ فالأمر بالوضوء من لحوم الإبل مقارن لنسخ الوضوء مما غَيرت النار، فكيف يجوز أن يكون منسوخًا به؟ ! ومن شرط النسخ تأخر الناسخ، وإن كان النسخ قبله (٥) لم يَجز أن ينسَخ بما قبله؛ ولأن أكل لحم (٦) الإبل إنما نقض لكونه من لحوم الإبل لا بكونه مما مسَّته النار، وبهذا ينقض وإن كان نيئًا فنسخ إحدى الجهتين لا [يثبت به] (٧)


(١) "المجموع" ٢/ ٦٦.
(٢) "معالم السنن" ١/ ٦٧.
(٣) في (د): وأجابه.
(٤) في (ص): مس به.
(٥) في (ص، س): فيه.
(٦) في (د): لحوم.
(٧) في (ص): بتنزيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>