للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المكي التابعي (أنه سمع جابرًا يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُقعد على القبر) فيه تحريم القعود على القبر وهو مذهب الشافعي وجمهور العلماء، وقال مالك في "الموطأ": المراد (١) بالقعود الحدث. قال النووي: وهذا تأويل ضعيف أو باطل، ومما توضحه الرواية الآتية (٢).

(أو يُقَصَّص عليه) التقصيص هو البناء بالقصة، والتجصيص: البناء بالجص، والجصاص والقصاص واحد. فيه النهي عن البناء بالقصة البيضاء وهي النورة والجير على القبر، وبه قال مالك والشافعي. وهذا الحديث حجة على من أجازه. ووجه النهي: أن البناء به مباهاة واستعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة. وفيه تشبه بمن كان يعظم القبور ويعبدها، وبهذا يقال: إنه حرام كما قال بعضهم (٣) (وأن يبني عليه) رواية: ويبني عليه، أو: يبني فيه، أو: ببناء.

قال إسماعيل الحضرمي (٤) في "شرح المهذب": يقولون: لا تبنى القبور، كأنهم يريدون: لا تبنى القبور في نفسها بآجر ولبن، فيكره ولا يحرم إلا أن يكون في مقبرة مسبلة بحيث تضيق فيحرم، وفي معنى هذا البناء ما يعتاده الناس اليوم من عقد القبر بالحجر ونحوه، فما حصل به التضييق حرم ويهدم، وما لم يحصل به التضييق يغتفر مع الكراهة؛ لأن فيه زينة الدنيا. وأما التطيين فليس فيه زينة وفيه حفظ


(١) سقط من (ر).
(٢) "شرح مسلم" ٧/ ٢٧.
(٣) انظر: "المفهم" للقرطبي ٢/ ٦٢٦.
(٤) هو إسماعيل بن محمد الحضرمي أبو الذبيح من فقهاء الشافعية شرح "المهذب" قبل النووي وهو من معاصريه. انظر: "طبقات الشافعية" للسبكي ٨/ ١٣٠ (١١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>