فاستغنى عن ذكرها. وحجة الشافعي أن الحاكم يسأل المدعي عليه عما أدعاه فإن أعترف لزمه ولا يلزمه أن يكون مجهولًا (كانت لأبي) قال القرطبي: ظاهره أن والد المدعي قد كان توفي، والأرض صارت للمدعي بالميراث، ومع ذلك فلم يطالبه النبي - صلى الله عليه وسلم - بإثبات الموت ولا بحصر الورثة فيه، فيحتمل أن ذلك كان معلومًا عندهم، ويحتمل أن يقال: لا يلزمه شيء من ذلك ما لم ينكره خصمه. وفيه دليل على أن من نسب خصمه إلى الغصب أو أنه فجر عليه ونحو ذلك حالة المحاكمة لم ينكر الحاكم عليه إلا أن يكون المقول له ذلك لا يليق به. بأن يكون المقول له مشهورًا بالدين الكثير والعلم والصلاح.
(فقال الكندي) بل (هي أرضي في يدي أزرعها) أي: أتصرف فيها بالزرع وغيره (ليس له فيها حق) فيه دليل على أن ما كانت الدعوى فيه لا ينتزع من يد صاحب اليد بمجرد الدعوى، وأنه لا يسأل عن سبب ملكه، ولا عن سبب وضع يده عليها لقوة اليد (١). (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للحضرمي: ألك بينة؟ قال: لا. قال: ذلك) عليه (يمينه) إن شئت فاطلبها وإن شئت أترك (قال: يا رسول الله، إنه فاجر) هو الكاذب الجريء على الكذب (لا يبالي) أي: لا يكترث، يقال: ما أباليه ويقال: لم أبل بحذف ألف (ما حلف عليه) و (ليس يتورع من شيء) أي: لا يكف عن محرم ولا مكروه، وظاهر هذا أن ما يجري بين المتخاصمين في مجلس الحكم من مثل هذا الذم والتقبيح جائز ولا شيء على قائله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقره على ذلك ولم ينكر عليه، وإلى