للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد اختلف العلماء في وجوب الكفارة على قائل ذلك: إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو بريء من دين الإِسلام ففعل، فقالت الحنفية وجماعة: عليه كفارة يمين. وقال مالك والشافعي وجماعة: لا كفارة عليه. واستدلوا بحديث أبي هريرة المتقدم: "فليقل: لا إله إلا الله". فجعل ذلك كفارةً له ولكنه تلزمه التوبة.

(ومن قتل نفسه [بشيء] (١) عُذِّب به) لفظ مسلم: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم" (٢)، ومعنى: يتوجأ: يطعن، وهو مهموز آخره من: وجأته بالسكين، إذا ضربته (يوم القيامة) ولمسلم: "خالدًا مخلدًا أبدًا" (٣). وظاهره التخليد الذي لا انقطاع له بوجه، وهو محمول على من كان مستحلًّا، ومن كان معتقدًا لذلك كان كافرًا، وأما من قتل نفسه غير مستحل فليس بكافر، بل يجوز أن يعفو الله تعالى عنه ثم يكون خروجه من النار من آخر من يخرج من أهل التوحيد، ولما كان الجزاء من جنس العمل كان من قتل نفسه في الدنيا بحديدة عوقب في النار بحديدة، ومن قتل نفسه بسم عوقب في النار بسم من سموم جهنم، فيقول المعذب: هذا الذي وُعدنا به في الدنيا من العذاب، أو هذا (٤) الذي عذبنا به هو عقوبة لما فعلناه في الدنيا، كما أن أهل الجنة يقولون عن الثمرة التي كانوا يأكلونها: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} (٥).


(١) سقط من (ر).
(٢) (١٠٩).
(٣) مسلم (١٠٩).
(٤) في (ر): وهو.
(٥) البقرة: ٢٥، وانظر: "المفهم" ١/ ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>