للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الشافعي وأكثر الفقهاء: يملك إجبار الغاصب على قلعه، والحكم فيه كالغرس سواء؛ لقوله عليه السلام: "ليس لِعِرْقٍ ظالمٍ حق" (١)، ولأنه زرع في أرضه ظلمًا فلم يكن لزرعه حرمة؛ لأنه ظالم مقصر بالزرع في أرض غيره بغير إذنه.

واستدل أحمد بهذا الحديث؛ فإن فيه دليلا (٢) على أن الغاصب لا يجبر على قلعه؛ لأنه ليس له فيه شيء، بل هو ملك للمغصوب منه.

واستدل أيضًا بالحديث الذي قبله (٣): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى زرعًا في أرض ظهير فأعجبه فقال: "ما أحسن زرع ظهير". فقالوا: إنه ليس لظهير، ولكنه لفلان. قال: "فخذوا زرعكم وردوا عليه نفقته"، ولأنه أمكن رد المغصوب إلى مالكه من غير إتلاف مال (٤) الغاصب على قرب من (٥) الزمان، فلم يجز إتلافه كما لو غصب سفينة فحمل فيها ماله وأدخلها (٦) البحر، أو غصب لوحًا فرقع به سفينته؛ فإنه لا يجبر على رد المغصوب في اللجة، بل ينتظر حتى ترسي صيانة للمال عن التلف، وكذا هنا، ولأنه زرع حصل في ملك غيره فلم يجبر على قلعه على وجه يضر به كما لو كانت الأرض مستعارة أو مشفوعة وفارق النخل والشجر الوارد فيه "ليس لعرق ظالم حق"؛ لأن مدته تتطاول


(١) سبق برقم (٣٠٧٣).
(٢) في الأصل (دليل) والمثبت أصح.
(٣) برقم (٣٣٩٩).
(٤) سقط من (ع).
(٥) زاد هنا في الأصل (عند). والمثبت من "المغني".
(٦) في (ر): وأدخله.

<<  <  ج: ص:  >  >>