للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأكلت منه فلا بأس" (١). وروى الأثرم في "سننه" عن أُبَيٍّ قال: كنت اختلف إلى رجل مسن، قد أصابته علة، قد احتبس في بيته، أقرئه القرآن، فيؤتى بطعام لا آكل مثله بالمدينة، فحاك في نفسي شيء، فذكرته للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن كان ذلك الطعام طعامه وطعام أهله فكل منه، وإن كان بحقك فلا تأكله" (٢). وأجاب القائلون بهذِه الأحاديث بأن حديث الرقية بكتاب الله إنما جاز أخذ الأجرة عليها؛ لأن فيها نوع مداواة، والمأخوذ عليها جعل، والمداواة مباح أخذ الأجرة عليها، ولأن باب الجعالة أوسع من باب الإجارة، ولهذا يجوز فيها جهالة العمل والمدة بخلاف الإجارة.

وأما قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فيما روى البخاري: "أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله" (٣). فيعني به أيضًا الجعل في الرقية؛ لأنه ذكر ذلك في سياق خبر الرقية، وأما جعل التعليم صداقًا ففيه اختلاف، وليس في الخبر تصريح بأن التعليم صداق (٤)، وإنما قال: "زوجتكها على ما معك من القرآن" (٥)، فيحتمل أنه زوجه إياها بغير صداق إكرامًا له كما زوّج أبا طلحة أم سليم على إسلامه.

وهذا محمول على من يشارط على الأجر، وأما إذا كان المعلم لا


(١) "المعجم الأوسط" ١/ ١٣٩ (٤٣٩).
(٢) عزاه للأثرم ابن قدامة في "المغني" ٨/ ١٣٩.
(٣) "صحيح البخاري" (٥٧٣٧) من حديث ابن عباس مرفوعًا.
(٤) في الأصل: صداقا. والجادة ما أثبتناه.
(٥) رواه البخاري (٢٣١٠)، ومسلم (١٤٢٥) من حديث سهل بن سعد مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>