للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشفعة ويحتمل أن يكون أحق بالبر والمعونة كما في الحديث بعده. وإن كان المراد منه الشفعة، فيحمل الجار على الشريك جمعًا بين الحديثين، واسم الجار قد يقع على الشريك؛ لأنه يجاور شريكه بأكثر من مجاورة الجار، فإن الجار لا يساكنه والشريك يساكنه في الدار المشتركة (١).

قال ابن بطال: استدل به أبو حنيفة وأصحابه على إثبات الشفعة للجار، والجمهور أراد بالجار الشريك؛ فإن أبا رافع كان شريك سعد ابن أبي وقاص في البيتين، ولذلك دعاه إلى الشراء منه كما في القصة التي ذكرها البخاري.

وأما قول أبي حنيفة وأصحابه: أنه ليس في اللغة ما يقتضي تسمية الشريك جارًا، فمردود بما تقدم، وأن كل شيء قارب شيئًا قيل له جار، وقد قالوا لامرأة الرجل جارة؛ لما بينهما من المخالطة، وذكر عمر بن شبة أن سعدًا كان اتخذ دارين (٢) بالبلاط متقابلتين بينهما عشرة أذرع، وكانت التي عن يمين المسجد منهما لأبي رافع، فاشتراها سعد منه ثم ساق قصة البخاري (٣). فاقتضى كلامه أن سعدًا كان جارًا لأبي رافع قبل أن يشتري منه داره لا شريكًا، وكان بعض الحنفية يلزم الشافعية القائلين بحمل اللفظ على حقيقته ومجازه أن يقولوا بشفعة الجوار؛ لأن الجار حقيقة في المجاور مجاز في الشريك.

وأجيب بأن محل ذلك عند التجرد عن القرينة، وقد قامت القرينة هنا


(١) انظر: "شرح السنة" ٨/ ٢٤٢.
(٢) في (ر)، (ل): (دارا).
(٣) "تاريخ المدينة" ١/ ٢٣٥ - ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>