للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الحديث أن أبا شريح كان يكنى أبا الحكم، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله هو الحكم" وكناه أبا شريح (١).

(بين اثنين) هذا أقل ما يتأتى فيه الحكم، وإلا فقد يحكم بين ثلاثة فصاعدًا، المفهوم العدد غير معمول (٢) به هنا؛ لكونه خرج مخرج الغالب (وهو غضبان) جملة اسمية في موضع نصب على الحال. أي: لا يقضي في حال غضبه، قالوا: علة النهي عنه لما يحدث للنفس بسبب الغضب من التشويش الموجب لاختلال النظر في المسائل الاجتهادية، وبهذا يظهر مناسبة ذكر هذا الحديث بعد ما قبله، ودقة نظر المصنف في ترتيب الأحاديث والأبواب لمن تدبر ذلك.

وقاس الفقهاء عليه كل ما كان في معناه من مشوشات الفكر الآتية، وهذا القياس أحد أنواع الأسماء الخمسة، ووجهه أن ترتيب حكم القضاء على وصف الغضب فيه إنما يشعر بأنه هو علة النهي، لكنا نعلم أن خصوص كونه غضبًا لا مناسبة فيه، فيلزم أن يكون متغيرًا من جهة عمومه، وهو كونه مشوشًا للفكر.

وهذا الوصف غير مذكور، لكنَّه هو المناسب يلزم أن يلحق به ما في معناه من الجوع وغيره كما سيأتي، فظهر بهذا أن العلة في الحقيقة هو التشويش لا الغضب. وقال الإمام فخر الدين: لا مناسبة بين التشويش والغضب؛ لأن التشويش إنما ينشأ عن الغضب الشديد لا عن مطلقه،


=القضاة" ١/ ١٠٨، والبيهقيّ ١/ ١٣٦ عن عمر بن الخطاب.
(١) سيأتي عند أبي داود برقم (٤٩٥٥) من حديثه.
(٢) في النسخ: معلوم، ولعل مراد المصنف ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>