للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شهادة الخائن والخائنة) قال أبو عبيد: لا نراه خص به الخيانة في أمانات الناس دون ما افترض الله على عباده وأتمنهم عليه؛ فإنَّه قد سمى ذلك أمانة، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} فمن ضيع شيئاً مما أمر الله تعالى به، أو ركب شيئاً مما نهى عنه فليس ينبغي [أن يكون] (١) عدلاً. انتهى (٢).

فدين الفاسق إذا لم يَدُعَّهُ عن ارتكاب محظورات الدين فلا يؤمن أن لا يَدُعَّهُ عن الكذب في الشهادة، وعلى هذا فلا تحصل الثقة بقوله؛ لأنه فاسق، وقد أمر الله بالتوقف عن نبأ الفاسق، والشهادة نبأ؛ فيجب التوقف عنها.

(و) رد شهادة (ذي الغمر) بكسر الغين المعجمة وسكون الميم بعدها راء مهملة، سيأتي في كلام المصنف تفسيره بأنه الشحناء، والشحناء: العداوة، فالعداوة مانعة من قبول الشهادة؛ لأنها تورث التهمة فتمنع الشهادة كالقرابة القريبة، وتخالف الصداقة؛ فإن في شهادة الصديق لصديق بالزور نفع غيره بمضرة نفسه، وبيع آخرته بدنيا غيره، وشهادة العدو على عدوه يقصد بها نفع نفسه بالتشفي من عدوه، فافترقا.

فإن قيل: لم قبلتم شهادة المسلمين على الكفار مع العداوة؟ قلنا: العداوة ها هنا دينية، والدين لا يقتضي شهادة الزور، والمراد بالعداوة هنا الدنيوية، كان يشهد المقذوف على القاذف، والمقطوع عليه الطريق على


(١) ساقطة من (م).
(٢) بنحوه في "غريب الحديث" ٢/ ١٥٣، ونقله عنه الخطابي في "معالم السنن" ٤/ ١٥٦ بنصه كما هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>