الإسلام أو الكفر؛ لأن القصد منه إثبات الميراث، ثم استغربه.
(فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -) للذين أخذوهم (اذهبوا) إلى الغنيمة (فقاسموهم أنصاف الأموال) وليس هذا بأمر حقيقي، وإنما هو إرشاد إلى الصلح بما فيه المصلحة للجهتين فإن بني العنبر لما أسلموا قبل أخذهم والظفر بهم عصموا دماءهم وأموالهم وصغار أولادهم، وقد ثبت بالشاهد واليمين إسلامهم قبل أن يؤخذوا واستحقوا رجوع أموالهم إليهم، لكن لما كان الآخذون لم يعلموا بإسلامهم أولًا، وإنما علموا بعد تصرفهم في المال وذهاب غالبه في منافعهم؛ أمر بمقاسمة المال نصفين؛ لمراعاة المصلحتين، ولهذا لم يأمر باقتسام الذرية نصفين؛ لأنهم لم يذهب منهم شيء، فقال (ولا تمسوا) بفتح الميم (ذراريهم) بتشديد الياء وتخفيفها وتشديد الياء بتخفيف الهمزة لكثرة الاستعمال، والمراد بها هنا أولادهم.
(لولا أن الله تعالى لا يحب ضلالة) بتخفيف اللام ألف (العمل) أي: بطلان العمل وضياعه وذهاب نفعه، مأخوذ من الضلال وهو الضياع، ومنه الضالة في الحديث (١)، وهي الضائعة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره، ولعل المراد هنا أنهم لما توجهوا للغزو وسافروا وأخذوا أموالهم على اعتقاد الغنيمة لم يضيعهم من المال جميعه بثبوت إسلامهم، بل عوضوا منه النصف، وهذا كالاعتذار لبني العنبر في أخذ نصف أموالهم بعد إسلامهم؛ تألفًا لقلوبهم؛ لدخولهم في الإسلام قبل
(١) رواه البخاري (٩١)، ومسلم (١٧٢٢) من حديث زيد بن خالد الجهني.