للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وارث تلك الرتبة، والعلماء ورثوا الأنبياء في سياسة إصلاح الخلق وإرشادهم إلى النجاة في الدنيا والآخرة، فالسياسة على أربع مراتب:

الأولى: وهي العليا: سياسة الأنبياء وحلمهم على الخاصة والعامة في ظاهرهم وباطنهم.

والثانية: الخلفاء والملوك وحكمهم على الخاصة والعامة جميعا، ولكن على ظاهرهم لا على باطنهم.

والثالث: العلماء بالله وبدين الله الذين هم ورثة الأنبياء وحكمهم على باطن الخاصة ولا تستطيع قوتهم على التصرف في ظواهرهم بالإلزام والمنع، وأشرف هذِه السياسات الأربع بعد النبوة إفادة العلم وتهذيب نفوس الناس عن الأخلاق المذمومة المهلكة، وإرشادهم إلى الأخلاق المحمودة والمسعدة، وهو المراد بالتعليم، فتعليم العلم من وجه عبادة لله، ومن وجه خلافة لله، وهو أجل خلافة، فأية رتبة أجل من كون العبد واسطة بين الله وبين خلقه في دلالتهم عليه وتعريفهم إياه.

(وإن الأنبياء لم يورثوا) من بعدهم (دينارا ولا درهما) كما يورث غيرهم إنما (ورثوا العلم) الذي قد نقل عنهم ولا يتملك ورثته ما ترك من أموال بني النضير، بل هو كما قال: "ما تركت بعدي صدقة" (١).

وفيه رد للشيعة القائلين بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يورث كما يورث غيره متمسكين بعموم آية المواريث، معرضين كما كان معلوما عند الصحابة من الحديث الدال على الخصوص، وهو قوله: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما


(١) تقدم برقم (٢٩٧٤) من حديث أبي هريرة ولفظه: "لا تقتسم ورثتي دينارًا، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>