للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مثل سردكم الحديث. وظاهره أن الصحابة كانوا أيضًا يسردون الحديث، وأن أبا هريرة منهم.

قال القرطبي: أنكرت عائشة سرد الحديث والإكثار منه، وقد سلك هذا المسلك كثير من السلف، فكانوا لا يزيدون على عشرة أحاديث ليست بطوال في المجلس الواحد، وقد كره الإكثار من الأحاديث كثير من السلف مخافة ما يكون في الإكثار من آلافات.

روي عن عمر أنه قال: أقلوا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا شريككم (١). وكان مالك يقول: وأنا أقل الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد عاب كثير من الصحابة على أبي هريرة الإكثار من الحديث حتى احتاج إلى الاعتذار عن ذلك والإخبار بموجب ذلك حين (٢) قال: إن ناسًا يقولون: أكثر أبو هريرة، ولولا آية في كتاب الله ما حدثت حديثًا .. ثم قال: إن إخواننا من الأنصار .. الحديث (٣).

ودخل مالك على ابني أخيه أبي بكر وإسماعيل ابني أبي أويس وهما يكتبان الحديث، فقال لهما: إن أردتما أن ينفعكما الله بهذا الأمر فأقلا منه، وتفقها. ولقد جاء عن شعبة أنه قال لكتبة الحديث: إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون (٤)؟

وقال القرطبي: ويظهر من قول شعبة أنه قصد تحذير من غلبت عليه


(١) رواه الطحاوي في "مشكل الآثار" ١٥/ ٣١٧.
(٢) ساقطة من (م).
(٣) انظر: "صحيح البخاري" (١١٨).
(٤) انظر: "المفهم" ٦/ ٧١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>