شهوة الحديث، وكتابته وروايته حتى يحمله ذلك على التفريط في متأكد المندوبات من الصلوات والأذكار والدعوات؛ حرصًا على الإكثار، وقضاء الشهوات والأوطار، وهذِه وصايا السلف وسنن أئمة الخلف، قد نبذها أهل هذا الزمان، فترى الواحد منهم كحاطب ليل، وجالب رجل وخيل، فيأخذ عمن أقبل وأدبر من العوام وممن لم يسعد بشيء من هذا الشأن، غير أنه قد وجد اسمه في طبقة السماع على فلان، أو أجاز له فلان، وإن كان في ذلك الوقت في سن من لا يعقل من الصبيان، ويسمون مثل ذلك بالسند العالي، وإن كان باتفاق السلف والخلف من أهل العلم أنه في أسفل سفال، وكل ذلك قصد الاشتهار، ولأن يقال: انفرد فلان بعالي الروايات والآثار.
ومن ظهر منه أنه على تلك الحال فالأخذ عنه حرام وضلال، بل الذي يجب الأخذ منه من اشتهر بالعلم والإصابة والصدق والصيانة، ممن قيد كتب الحديث المشهورة والأمهات المذكورة التي مدار الأحاديث عليها ورجوع أهل الإسلام إليها (١)، فيعارض كتابه بكتابه، ويقيد منه ما قيده، ويهمل ما أهمله، فإن ذلك الكتاب ممن شرط مصنفه الصحة كمسلم والبخاري، أو ميز بين الصحيح وغيره كالترمذي، وجب التفقه في ذلك والعمل به.
وإن لم يكن كذلك وجب التوقف إلى أن يعلم بحال أولئك الرواة إن كانت له أهلية البحث في الرجال، وإما بتقليد من له أهلية ذلك، فإذا