للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشافعي: معنى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) أي: لا بأس ولا إثم أن تحدثوا عنهم ما سمعتم، وإن استحال أن يكون في هذِه الأمة مثل ما روي أن ثيابهم كانت تطول، وأن النار كانت تنزل من السماء لتأكل القربان وغير ذلك، لا أن يحدث عنهم بالكذب، ويدل على صحة قول الشافعي ما جاء في بعض رواياته عقيب الحديث: "فإن فيهم العجائب" (١).

وقال المزني: معناه أن الحديث عنهم إذا حدثت به - كما سمعته - حقًّا كان أو باطلا لم يكن عليك إثم ولا حرج؛ لوقوع الفترة وطولها، بخلاف الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّه إنما يكون الحديث به بعد العلم بصحة روايته وعدالة رواته الثقات (٢).

وقيل: معناه أن الحديث عنهم ليس على الوجوب؛ لأنَّ قوله - صلى الله عليه وسلم - في أول الحديث الذي رواه البخاري في باب ما ذكر عن بني إسرائيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بلغوا عني ولو آية" (٣) هو على الوجوب. أي: بلغوا عني من القرآن ولو آية، هذا مع تكفل الله بحفظه، فتبليغ الحديث بطريق أولى، ثمَّ قال في حديث البخاري: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" أي: لا حرج عليكم إن لم تحدثوا عنهم بشيء.


(١) رواه البزار كما في "كشف الأستار" ١/ ١٠٨ (١٩٢) من حديث جابر.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ١/ ١٩١: رواه البزار عن شيخه جعفر بن محمَّد ابن أبي وكيع عن أبيه، ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات.
(٢) انظر: "النهاية" في غريب الحديث والأثر" ١/ ٣٦١.
(٣) "صحيح البخاري" (٣٤٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>