من أي نوع كان من غير العنب فهو من الخمر المحرمة في القرآن والسنة، ألا ترى أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما سئل عن البتع قال:"كل شراب أسكر فهو حرام". فعلمنا أن المسألة إنما وقعت على ذلك الجنس من الشراب وهو البتع، ودخل فيه كل ما كان في معناه مما يسمى شرابًا مسكرًا من أي نوع كان، فإن قال أهل الكوفة: إن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل شراب أسكر". يعني به الجزء الذي يحدث عقبه السكر "فهو حرام"، فالجواب: أن الشراب اسم جنس، فيقتضي أن يرجع التحريم إلى الجنس كله، وهذا الطعام مشبع والماء مرو، يريد به الجنس، وكل جزء منه يفعل ذلك الفعل، واللقمة تشبع العصفور، وما هو أكثر منها يشبع ما هو أكبر من العصفور، وعلى هذا حتى يشبع الكبير، وكذلك جنس الماء يروي الحيوان على هذا الحد فكذلك النبيذ.
قال الطبري: يقال لهم: أخبرونا عن الشربة التي يعقبها السكر أهي التي أسكرت صاحبها دون ما تقدمها من الشراب أم أسكرت باجتماعها مع ما تقدمها، وأخذت كل شربة بحظها من الإسكار فإن قالوا: إنما أحدث له السكر الشربة الآخرة التي وجد خبل العقل عقبها، قيل لهم: وهل هذِه التي أحدثت له ذلك إلا كبعض ما تقدم من الشربات قبلها؟ ! في أنها لو انفردت دون ما قبلها كانت غير مسكرة وحدها، وأنها إنما أسكرت باجتماعها واجتماع عملها فحدث عن جميعها السكر.
(قال) المصنف (قرأت على يزيد بن عبد ربه) الحمصي المؤذن (الجرجسي) بضم الجيمين، بينهما راء ساكنة، وفي آخرها سين مهملة، كان ينزل بحمص عند كنيسة جرجس فنسب إليها، قال