للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سيأتي تفسيرها (وأنا آمركم بهن) هذا من الأحاديث التي تجمع الناسخ والمنسوخ] (١) (نهيتكم عن زيارة القبور) هذا صريح في نسخ نهي الرجال عن زيارتها، وفهم من الأمر بقوله (زوروها) أنها سنة للرجال، "فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها، فإنها تذكر الآخرة". كما رواه الترمذي وصححه عن بريدة (٢)، وأما زيارة القبور للنساء ففيه خلاف لأصحابنا (٣)، ومن منعهن قال: لا يدخلن في خطاب الرجال،


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(٢) "سنن الترمذي" (١٠٥٤)، ورواه ابن أبي شيبة ٧/ ٣٦٧ (١١٣٩١)، والبيهقي في "الكبرى" ٨/ ٥٤٠ (١٧٤٨٦).
(٣) قال النووي في "المجموع" ٥/ ٢٨٥: يستحب للرجال زيارة القبور وهو قول العلماء كافة. .، وأما النساء فقال المصنف -أي: الشيرازي- وصاحب "البيان": لا تجوز لهن الزيارة. وهو ظاهر هذا الحديث، ولكنه شاذ في المذهب، والذي قطع به الجمهور أنها مكروهة لهن كراهة تنزيه، وذكر الروياني في "البحر" وجهين: أحدهما: يكره، كما قاله الجمهور، والثاني: لا يكره، قال: وهو الأصح عندي إذا أمن الافتتان. اهـ. وانظر: "فتح الباري" لابن حجر ٣/ ١٤٨.
وخلاصة القول في هذِه المسألة أن فيها ثلاثة أقوال:
١ - التحريم
٢ - الكراهة من غير تحريم
٣ - الإباحة من غير كراهة
انظر: "تهذيب السنن" ٤/ ٣٤٨. قلت: يمكن حمل هذِه الأحكام على اختلاف الأحوال، فلكل حكم حالة تناسبه؛ فلو خرجت المرأة وهي يعلم من حالها أنها ستقول الهُجر وتفعل المحرم فهو في حقها حرام، وإن خرجت مع إلتزامها بزيّها الشرعي وأمن الفتنة وعبث الفسقة من الرجال بها ونحو هذا من الشروط ففي حقها مباح، بل لو خرجت مع ذلك قاصدة للعبرة والعظة فيسن ذلك لها، وأما الحالة التي تكره فهي ما عدا ذلك من الأحوال. وهذا جمع حسن بين الأقوال به يزول الخلاف، وتنضبط الفتوى. واللَّه أعلى وأعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>