(فتبزق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) من البزاق، أي: فعل فعل المستقذر من الضب. فإن قيل: لم عدل عن بزق إلى تبزق؟ قلت: يحتمل أن يكون لأن تَفعَّل هو بناء ما يفعل مرة بعد أخرى، فكأنه تكرر منه الفعل مرات، فهو كتعلم وتفقه. ويحتمل أن يكون معناه فعل فعل المتشبه بالبازق، لا أنه بزق بحضرة خالد وابن عباس؛ ليظهر لهم استقذاره له؛ لأنه يشبه الجرذون. فهو كتحزن وتخشع إذا أظهر الحزن والخشوع وتشبه بهم، وإن لم يكن حزينًا ولا ذا خشوع.
(فقال خالد) بن الوليد (إخالك) بكسر الهمزة في أوله، فصيح استعمالًا، وفتحها لغة أسد، وهو قياس الأفعال المضارعة التي ماضيها ثلاثي، ومعنى إخال: أظن، وهي كـ (أظن) في نصب مفعولين، وقد يحذفا كما إذا قيل: أزيد قائم؟ فتقول: خلت. وفي المثل: من تسمع يخل. أي: من تسمع خبرًا يحدث [له ظن](١) عقب السماع.
(تقذره) بفتح التاء والذال المعجمة، أي: تكرهه تنزهًا، وتعاف أكله (قال: أجل) مثل نعم وزنًا ومعنى، ويدل على ذلك ما في "صحيح مسلم": عن أبي سعيد: قال رجل: يا رسول اللَّه، إنا بأرض مضبة، فما تأمرنا، أو فما تفتينا؟ قال:"ذكر لي أن أمة من بني إسرائيل مسخت" فلم يأمر ولم ينه.
قال أبو سعيد: فلما كان بعد ذلك قام عمر فقال: إن اللَّه لينفع به غير واحد، وإنه لطعام عامة الرعاء، ولو كان عندي لطعمته، إنما عافه رسول