للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المصنف، وقد انفرد برفعه زياد بن سعد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "شر الطعام. . ". وذكره في "صحيح مسلم" (١).

وقد بين في مساق الحديث أن الجهة التي يكون بها طعام الوليمة شر الطعام إنما هي على ترك الأولى، وذلك أن الفقير هو المحتاج للطعام الذي إن دعي إليه سارع وبادر، ومع ذلك فلا يدعى، والغني غير محتاج، ولذلك يتكلف للذهاب إليه ويثقل عليه، وقد لا يجيب، وهو مع ذلك يدعى؛ فكان العكس أولى، وهو أن يدعى الفقير ويترك الغني.

ولا يفهم من هذا القول -أعني: في الحديث- تحريم ذلك الفعل، لأنه لا يقول أحد بتحريم إجابة الدعوة، وإنما هذا مثل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "شر صفوف الرجال آخرها، وخيرها أولها" (٢). فإنه لم يقل أحد أن صلاة الرجل في آخر صف حرام، بل ذلك من باب ترك الأولى؛ فإذًا الشر المذكور هنا قلة الثواب والأجر والخير، والمراد بالخير كثرة الطعام والخبز.

(يدعى لها الأغنياء) من أدب الوليمة أن لا يميز الأغنياء بالدعاء دون الفقراء، فتكون وليمته شر الطعام، وليس مراد الحديث أن كل وليمة طعامها شر الطعام، فينبغي للغني إذا علم أن الداعي يخص الأغنياء دون الفقراء ألَّا (٣) يجيبه، بل يتعلل، لأنه لم يرد بها وجه اللَّه، بل المباهاة. ولذلك قال بعضهم: لا تجب إلا دعوة من يرى أنك إذا


(١) "صحيح مسلم" (١٤٣٢/ ١٠٨، ١٠٩, ١١٠).
(٢) رواه مسلم (٤٤٠) من حديث أبي هريرة.
(٣) في جميع النسخ: فلا. والمثبت هو الأنسب للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>