للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع الأنبياء الذين أوحى الله إليهم، وكان لهم ذكر قبله؟.

والجواب على هذا، هو أن «الزبور» لم يكن من كلمات الله الموحى بها، وإنما كان إلهامات ومشاعر فاض بها قلب داود، فى مقام الولاء والخشوع لله، فكانت ترانيم جرت على لسانه، يمجّد الله بها، ويرفعها إليه فى صلوات خاشعة، أشبه بالمأثور من دعاء النبىّ صلوات الله وسلامه عليه، فى مواقف صلواته لله، وتسبيحه له.. ولهذا أضيفت إليه فسميت «مزامير داود» .

وقد نوّه الله سبحانه وتعالى، بهذه التسابيح التي فاض بها قلب داود، وأطلقتها مشاعره. وردّدها لسانه- لما فيها من صدق الإيمان، وإخلاص الحبّ والولاء لله، وجعلها سبحانه، مما يتقرب بها إليه المؤمنون، ويسبّحه بها المسبّحون! وقوله تعالى: «وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً» إشارة إلى أن ما تلقّى موسى من كلمات ربّه لم يكن عن وحي ينقل إليه كلمات الله، كما كان يفعل جبريل مع أنبياء الله، وإنما كان تلقيا مباشرا من الله سبحانه: «وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً» وفى تأكيد هذا الخبر ما يدفع أي احتمال لمجاز، بل إنّ هذا الذي تلقاه موسى من ربّه، كان مما كلّمه الله به، وكتبه له فى الألواح.. وفى هذا يقول الله تعالى: «وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ» (١٤٥: الأعراف) وكان ذلك فى أربعين ليلة هى التي انعزل فيها موسى عن قومه، ليستقبل ما تلقاه من ربّه.. وفى هذا يقول الله تعالى: «وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» (١٤٢: الأعراف) .

وقوله تعالى: «رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ» أي أرسلنا رسلا إلى الناس،

<<  <  ج: ص:  >  >>