وعمل على نقضها. فلينتظر انتقام الله لحرماته! وقوله تعالى:«وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا» هو إطلاق لهذا القيد الذي قيّد به الحاج وهو فى إحرام الحج.. فإذا أتم الحجّ، وتحلل من إحرامه أبيح له ما كان مباحا من قبل، وهو إطلاق يده فى صيد ما يشاء من حيوان أو طير! وقوله تعالى:«وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا» هو تذكير للمسلمين.. وهم فى تلك الحال التي راضوا فيها أنفسهم على التزام حدود الله والوفاء بمواثيقه- تذكير لهم بالاستقامة على هذا الطريق القويم الذي ساروا عليه، وهو أن يلتزموا العدل مع من كان إليهم عدوان منهم.. فالتزام العدل هو ميثاق أخذه الله على المؤمنين، يلتزمونه مع أوليائهم وأعدائهم جميعا..
وقوله تعالى «وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ» أي ولا يحملنكم على ارتكاب الجرم، وهو الظلم.. والشنآن: البغض والعداوة..
والمعنى: ولا يدعوكم ما بينكم وبين غيركم من عداوة وبغضاء، إذ صدوكم عن المسجد الحرام، وحالوا بينكم وبينه- لا يدعوكم هذا إلى أن تركبوا ما ركبوا من ظلم وعدوان، بل خذوهم بالعدل، وخذوا حقكم منهم دون ظلم أو بغى! وقوله تعالى:«اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى» أي العدل هو الذي ينبغى أن يكون سبيلكم مع هذا الذي حملكم بفعله على بغضكم له، لأنكم بهذا إنما تقيمون ميزان الحق، وتحفظون ميثاق الله معكم، وذلك هو الذي يدخلكم مداخل التقوى، ويقيمكم مقام المتقين.
وقوله تعالى:«وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ» هو تأكيد للاستقامة