ومن عجب هؤلاء القوم أنهم إذ يخرجون فريقا منهم من ديارهم ظلما وعدوانا، فإنهم إذا وقع إخوانهم هؤلاء ليد أعدائهم وعرض عليهم فداؤهم من الأسر، قبلوا ذلك، وبذلوا لهم من أموالهم.. فكيف يلتقى هذا العمل الطيب، مع العمل الرديء الذي سبقه؟ كيف يضربون إخوانهم بأيديهم ويخرجونهم من ديارهم وأموالهم، ثم يعودون فيحررونهم من الرق، إذا أسروا؟
والأمر وإن بدأ متناقضا، إلا أنه مستقيم مع طبيعة هؤلاء القوم، التي تتحكم فيها الأنانية وحب الذات..
فالأخوّة عندهم ليست أخوة على إطلاقها، فى السرّاء والضراء، وإنما هى أخوّة ما جلبت نفعا ذاتيا، وحققت مصلحة خاصة، أما إذا لم يكن ذلك من معطياتها فهى أخوّة ذئاب، إذا جرح ذئب فيها لم يحملوه، بل أكلوه! هذا شأنهم مع وصايا الرسل والأنبياء، ومع كل ما يحمل إليهم من أمر أو نهى.. يتخيرون ما يرضيهم، ويعرضون عما لا يقع منهم موقع الرضا والقبول، على المستوي المادي، وفى حدود الدائرة الذاتية، التي يعيش كل منهم فيها بنفسه ولنفسه! ولهذا أنكر الله عليهم هذا الموقف اللئيم، وتوعدهم عليه بقوله: