عملا، فى مدى ثلاثة وعشرين عاما، هى مدة البعثة النبوية، حتى إذا كانت آخر آية نزلت من القرآن كانت الشريعة قد تمت، وكان كل ما لا ترضاه الشريعة ولا تقبله من أتباعها، قد بيّنت حكمها فيه.. وبهذا لم يكن لأحد بعد هذا اليوم أن يحلّ أو يحرّم غير ما أحلت الشريعة وغير ما حرمت! وقوله تعالى:«الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ» إشارة إلى أن كل ما أحل للمسلمين هو الطيب الكريم، وأن ما حرم عليهم هو الخبيث الكريه ...
قوله تعالى:«وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ» هو من الطيب الذي أبيح للمسلمين تناوله من طعام، وهو طعام أهل الكتاب..
وكذلك لا حرج على المسلمين من أن يطعموا أهل الكتاب من طعامهم! كذلك من الطيبات التي أباحها الله للمسلمين «الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ» وهنّ اللائي تنعقد رابطة لزواج بهنّ انعقادا صحيحا بألا تكون المرأة المؤمنة من المحارم، ولا أن تكون فى عصمة الغير، ولا فى عدتها منه، ولا أن تكون مع وجود أربع زوجات غيرها.. والشأن فى المحصنات من المؤمنات، المحصنات من الكتابيات.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ» .. وقد أشرنا إلى هذا عند تفسير قوله تعالى:«وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ»(٢٢١: البقرة) .
وقوله تعالى:«إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» هو شرط فى زواج المحصنات من المؤمنات والكتابيات.. وهو إتيانهن مهورهن..